قصة جميلة جداً للشاب بول الذي تعلم من هؤلاء الاشخاص ..تذكر عطاياى

الحق والضلال

خاص لموقع الحق والضلال

كتبت: نورهان عبدالله

كان بول متذمرا ًجداً لأنه لا يشعر بالسعادة وأثناء ركوبه الباص وجد فتاة جميلة فأكد لنفسه أنها سعيدة بجمالها هذا حتى وجدها تمسك عصا تستند عليها بسبب قدمها المبتورة ثم وجد طفلا ًاعمى وأخر أصم لا يلعب مع زملاؤه فشكر ربه وتلاشى التذمر .

فتقول القصة :

كان بول دائم التذمّر، لا يرضيه شيء، ولا يرى شيئاً جميلاً في هذا العالم، ولذلك فهو حزين لا يعرف للسعادة طعماً، ولا يوجد شيء يبهجه مهما حاول أهله وأصدقاؤه أن يوفّروا له الفرح.

وذات يوم، ركب الباص، وكان حافلاً بالأولاد من كلّ الأعمار، فصدف أن جلس إلى جانب فيها فتاة جميلة يشعّ وجهها بالفرح والإشراق، ولا تفارقها الابتسامة، فقال في نفسه: "يا لها من فتاة جميلة مرحة، حتما إنّها تشعر بحبّ الأكثرين لها واهتمامهم بها، ومن المؤكّد أنّه لا ينقصها شيء؟ آه لو كنت مكانها، لما فارقت البشاشة وجهي.

وقف الباص، وإذا بالفتاة تنحني وتسحب عصا من تحت المقعد، ثمّ تمسك بها، وتستند عليها لتنزل، وعرف بول أنّها مبتورة القدم!!! فراح يتأمّلها بصمت منذهلاً، وممّا زاد في انذهاله أنّه سمعها تقول وهي تنزل من الباص: "أشكرك، يا ربّ، لأنّك أعطيتني قدماً واحدة لأسير بها حسبما تريد أنت"!!!

وفي المحطّة التالي، نزل بول بدوره، وتوجّه إلى مكتبة صغيرة ليشتري بعض الأقلام والدفاتر اللاّزمة لدروسه. فوجد هناك صبيّاً صغيراً يبدو عليه المرح واللطف، فطلب منه ما يريد. وبعد قليل جاءه الصبيّ بما طلب وهو يقول في ابتسامة رقيقة:

- أرجو ألاّ أكون قد تأخّرت عليك.

- أرى أنّك صبيّ رقيق للغاية، وإنّي لسعيد جدّاً بالحديث معك، كم عمرك؟

- ثماني سنوات.

- إنّي أشكرك، لأنّك أحضرت لي قلماً أزرق اللّون، فاللّون الأزرق هو لوني المفضّل.

- فردّ الصبيّ بابتسامة عذبة: وأنا، بدوري، أشكرك، يا سيّدي، ولكنّني لم أقصد أن أحضر لك قلماً أزرق، لأنّي لا أرى، فأنا أعمى، ولذلك سألتك المعذرة أن كنت قد تأخّرت في تلبية طلبك. أنا أعمل ببطء كي لا تعثر قدمي بشيء، ولكنّي مع هذا، أحمد الربّ كثيراً، فهو قد وهبني صحّة تامّة، وأمّا ظلام عينيّ فقد تعوّدت عليه، وأستطيع أن أقوم بكلّ احتياجاتي بكلّ سهولة، فالربّ عوّضني عن النور الخارجيّ بنور داخليّ، فأمّي تردّد دائماً على مسمعيّ: الربّ يقول: "أنا نور الحياة".

سار بول في طريقه قد تعجّب من شكر ورضى هذا الصبيّ، وكيف أنّ أمّه تخفّف من مصيبته، وتشدّد إيمانه بالربّ.

وأثناء سيره، رأى طفلاً جميلاً جدّاً كان يقف بعيداً لا يلعب مع زملائه إنّما يكتفي بالتصفيق لهم، وعلامات الفرح والغبطة ترتسم على وجهه. فاقترب منه وسأله بتودّد:

- إنّي أدعى بول، وأنت ما اسمك؟

- ماذا تقول؟

- فظنّ بول أن ضجيج اللاّعبين منعه من أن يسمع سؤاله، فقال له بصوت مرتفع: أسألك ما اسمك، ولماذا لا تلعب مع زملائك؟ ألا تحبّ اللعب؟

- سامحني، لم أسمع ما تقوله، فأنا طفل أصمّ لا أسمع، ولكنّي أشكر الله، لأنّه منحني قدمين أسير بهما، وعينين أنظر بهما، وأمّا السمع، فلا يشكّل لديّ مشكلة إذ أستطيع التفاهم مع الآخرين بواسطة الكتابة. ثمّ ما لبث الطفل أن ابتسم، وهرول يركض بفرح وهو يلوّح بيده مودّعاً.

وقف بول في مكانه جامداً، وهو يفكّر بهذه الرسائل الثلاث التي أرسلها إليه الله في ذلك اليوم. فعاد إلى منزله وهو يقول:

أشكرك يا ربّ، لأنّك وهبتني عينين أرى بهما جمال الطبيعة، وأمجد جلالك،

وأشكرك، لأنّك وهبتني قدمين أسير بهما إلى الكنيسة، وأخدم إخوتي،

وأشكرك، أيضاً، لأنّك وهبتني أذنين أسمع بهما التراتيل الكنسيّة وأسبِّحك.

وهكذا لم يعرف التذمّر طريقاً، منذ ذلك اليوم، إلى فم بول، وتغيّرت حياته، وأخذ الفرح والانشراح يبدوان على وجهه.

الشكر جرس يدعو الله ليسكب خيراته علينا

          
تم نسخ الرابط