رِهان العندليب والأبنودي الذي تحول لأغنية

الحق والضلال

ارتبط الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، بعلاقة صداقة مع العندليب عبد الحليم حافظ، أثمرت عن أعمال فنية ناجحة، ولعل أشهرها كان أغنية "وأنا كل ما أقول التوبة" وبها خاض العندليب لأول مرة تجربة الأغنية الشعبية، وأغنية "عدى النهار" التي كانت أصدق تعبير عن النكسة، وأغنية "مشيت على الأشواك" التي تعد من أسرع الأغاني التي كتبها الخال، وقصة كتابتها غريبة، إذ أنها بدأت برِهَان بين العندليب والخال رحمهما الله.

ففي عام 1969 أثناء تصوير فيلم (أبي فوق الشجرة) اجتمع بعض الأصدقاء في منزل العندليب، وكان من بين الحاضرين: الملحنون محمد الموجي، وبليغ حمدي، وكمال الطويل، والشاعر مرسي جميل عزيز، والإذاعيان جلال معوض ووجدي الحكيم، ودار الحديث حول الأغاني الكلاسيكية وهو اللون الذي كان يفضله العندليب في أغانيه، فسخر الأبنودى من ذلك اللون من الأغاني واسترسل في التقليل من شأنها، وفجأة قال عبدالحليم: "يا أستاذ أبنودى رحم الله امرئ عرف قدر نفسه، إنت راجل جميل في الأغاني الشعبية والعاطفية الخفيفة والوطنية، وملكش دعوة بالأغاني الكلاسيكية".

فرد الأبنودى: "هذه ليست أغاني كلاسيكية، دي كيمياء، تضع مادة على مادة تعطينى مادة، بمعنى أن الذين يكتبون هذه الأغانى لا يحسّونها"، فاستفزه العندليب بقوله: "يا أستاذ دول أساتذة كبار وأنت ماتعرفش تكتب زيّهم"، فباغته الأبنودي بأنه لا يحب أن يكتب مثل تلك النوعية من الأغاني، ولكنه يستطيع أن يكتب أفضل مما يكتبه هؤلاء الأساتذة.

فتحداه عبد الحليم أن يكتب أغنية كلاسيكية فورًا، وراهنه على أن يغني تلك الأغنية إن استطاع أن يكتبها ونالت إعجابه، وأنه سيدفع له أعلى أجر.

فدخل الأبنودي إلى غرفة مغلقة وخرج منها بعد قليل يحمل في يده قصاصة من الورق وراح يقرأ منها بسخرية: "مشيت على الأشواك وجيت لأحبابك لاعرفوا إيه وداك ولا عرفوا إيه جابك رميت نفسك في حضن سقاك الحضن حزن حتى في أحضان الحبايب شوك يا حنفي"! فانطلقت الضحكات من الجميع ماعدا عبد الحليم، الذي طلب من الأبنودي إعادة قراءة الكلمات بدون سخرية، فأعاد البنودي قراءتها واستبدل "حنفي" بـ"قلبي" ثم استكمل باقي كلمات الأغنية، التي تلقفها محمد الموجي والذي كان من ضمن الحضور، وقام بتلحين مطلعها، وهكذا خرجت أغنية "مشيت على الأشواك" التي أصبحت واحدة من أهم الأغاني الكلاسيكية لعبد الحليم حافظ.

نقلا عن اليوم الجديد

          
تم نسخ الرابط