جدل حول تطبيق فكرة السجن المنزلي بمصر

الحق والضلال

اتجهت بعض الدول خلال الفترة القليلة الماضية، إلى دراسة إمكانية تطبيق نظام السجن المنزلي للمتهمين، من خلال نظام إلكتروني يتيح مراقبة المحكوم عليهم عن بعد.

ويأتي الإعلامي محمود سعد، ضمن المؤيدين والمنادين بتطبيق هذه الفكرة في مصر؛ لتخفيف العبء على السجون، مقترحا تطوير الأجهزة التكنولوجية لمراقبة المسجونين عن بعد، ودعم أجهزة وإدارات الرقابة بأساور المراقبة.

تهريج
وعن إمكانية تطبيق هذه التقنية بمصر، قال مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن السجن عقوبة فإذا كان المسجون في بيته مع أسرته وأولاده فُقد الغرض من العقوبة، الذي يتمثل في حرمان المتهم من الحياة الطبيعية.

وأشار مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى أن هناك بعض المتهمين يمتلكون قصورا وفللا، تحتوي على كل ما تشتهي الأنفس، فهنا تقع العقوبة وتتحول إلى مكافأة بإبعاد هذا المتهم فترة عن المجتمع للاسترخاء ثم يعود مرة أخرى، واصفًا الاقتراح بأنه تهريج وبعيد كل البعد عن صفة العقوبة .

وأوضح البسيوني، أن المادة رقم 201 من قانون الإجراءات الجنائية، تنص على أنه يجوز إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا بكفالة، وبإجراء احترازي على أن يلتزم بيته ولا يغادره إلا بإذن الشرطة، ويتردد على الشرطة كل أسبوع، فضلا عن منعه من السفر إلا بإذن الشرطة، كما ينبغي عليه أن يلازم منزله ليلا، وذلك كما حدث مع إسراء الطويل، ولكن ذلك غير مطروح للنقاش بالنسبة للمحبوسين فعليا على ذمة قضايا.

غير قانوني
وعلق مجدي الشاهد، خبير أمني، على هذه الفكرة، قائلا: إن هذا الاقتراح بعيد عن التصور القانوني، فهناك جهات تصدر أحكاما، وقانون ينظم هذه القرارات وفق لائحة قانونية وليس تنفيذا لوجهات نظر، فالدستور ينص على أن تنفذ الأحكام في أماكن معينة، والقانون يحدد هذه الأماكن وفقا لنوعيات وتخصصات الأحكام وتصنيفاتها.

وتابع الشاهد: إذا تم تنفيذ الاقتراح في مصر، ما الآلية التي ستحدد من ينفذ العقوبة في منزله ومن ينفذها في السجون؟ ، مؤكدا أنه سيكون هناك تلاعبات في تحديد ذلك.

وأشار الشاهد، إلى أن السجون تمنع شرب الممنوعات وتحدد أكلات معينة، كما أنها تحدد تحركات المتهمين، مستبعدا إمكانية تقييد حدود المسجونين وهم في منازلهم، ومعتبرًا ذلك خيالا بعيدا عن المنطق والعقل، ومخالف لكل التصورات التي من الممكن أن تحدث في العالم الافتراضي.

وأضاف أنه "في الواقع يتم تطبيق ما يشبه ذلك، ولكن في حالة الإقامة الجبرية تكون أحكاما تكميلية وليست أساسية، مثلا الحكم على متهم بالحبس 3 سنوات، و3 آخرين تحت الإقامة الجبرية، فتكون تكميلية لحكم وليست أساسية".

فكرة جيدة
فيما استحسن اللواء محمد السيد، خبير الأمن، الفكرة قائلا: "فكرة جيدة ولكنها تحتاج إلى دراسة مقارنة مع دول وشعوب أخرى، وتحتاج إلى جهود كبيرة وتكاليف باهظة"، مضيفا "أننا بحاجة إلى تطور تكنولوجي كبير في هذا المجال لتنفيذها، ولنستطيع توفير شرط العقوبة وهي أن تكون عقوبة معنوية رادعة".

ضمانات
وفي سياق متصل، يقول نبيل مصطفى خليل، أستاذ قانون بأكاديمية الشرطة، إن نظام السجن المنزلي موجود بالفعل في العديد من الدول بضمانات معينة، فيما يطلق عليه "نظام السجن المفتوح"، على أن يذهب المتهم كل يوم إلى السجن يعمل، ثم يعود مرة أخرى إلى بيته بعد أن ينتهي من العمل.

وأشار خليل، إلى وجود العديد من الجرائم التي لا تستحق الحبس، التي يمكن تنفيذها في المنازل، مؤكدا أن هناك متهمين في قضايا معينة غير مجرمين، ويتعلمون الإجرام من السجن، وبهذا النظام نحمي المجتمع من تربية الأجيال الإجرامية بالسجون.

وتابع: "لكن هناك العديد من الجرائم التي لا يصح أن تقوم على نظام السجن المنزلي؛ لأننا بذلك نسمح للمتهم باستكمل ارتكاب جرائمه".

وأوضح خليل، أن النظام الشرطي والأمني في مصر قائم على الانتقام، في حين تغيرت الفلسفة العقابية وتغير مفهوم المدارس العقابية، مؤكدا أنه بعد أن أثبتت العديد من الدراسات أن السلوك الإجرامي ليس فطرة، وأن المتهم يتعلمه من البيئة والمجتمع، وبناءً عليه ينبغي ألا نتعامل مع المتهم على أنه لا بد من الانتقام منه، ولكن علينا أن نعيد تأهيله نفسيا ومعنويا، ونساعده على التكيف مع المجتمع مرة أخرى.

          
تم نسخ الرابط