عدد طلبات التنازل عن الجنسية تصل إلى نحو 20 طلباً شهرياً أى نحو 240 فى السنة، عدد ضئيل بالنسبة إلى عدد سكان مصر (90 مليون نسمة)، إلا أن هذه الخطوة تدعو إلى القلق لأنها تعبر عن وجود فيروس لنقص الانتماء إلى أقدم وطن فى التاريخ. يلجأ بعض الشباب إلى تقديم طلبات إلى مصلحة الجوازات والهجرة، التابعة لوزارة الداخلية، أو إحدى القنصليات المصرية فى الخارج، فى حال رغبتهم فى الحصول على جنسية إحدى الدول التى تشترط عدم حمل أى جنسية أخرى، وتأتي الخطوة الثانية باجتماع لجنة تضم ممثلين عن أجهزة الأمن الوطنى، والأمن العام، والمباحث الجنائية، للتعرف على أسباب التنازل، وتقوم اللجنة بالبت فى القرار خلال مدة لا تقل عن شهرين وقد تمتد لعدة أشهر، وقد يلجأ المواطن لرفع دعوى بمجلس الدولة للحصول على ما يريده. بعض الدول مثل ألمانيا، موريتانيا، والنرويج، تشترط على الراغبين فى حمل جنسيتها التنازل عن جنسية الوطن الأم، وتتنوع أهداف هذه الخطوة، حيث تنازل أحمد عبدالمقصود، لاعب النادى الأهلى السابق، عن الجنسية للانضمام إلى منتخب قطر واللعب باسمها فى المحافل الرياضية الدولية. وقد يلجأ آخر إلى هذه الخطوة للهروب من العقاب الجنائى مثل محمد نجل القيادى الإخوانى، صلاح سلطان، الذى استغل حمله للجنسية الأمريكية للهروب من السجن على ذمة قضية غرفة عمليات رابعة، كما تنازل الصحفى، محمد فهمى الذى يحمل الجنسية الكندية، والذى كان يعمل بقناة الجزيرة عن مصريته للهروب من العقاب فى قضية خلية الماريوت، لكنه يحاول استعادة جنسيته كما رفض السفر إلى خارج البلاد حيث رفع دعوى لاسترداد كلمة مصرى فى جواز سفره. وحسب تأكيد مصدر تصل طلبات التنازل عن الجنسية المصرية لحوالى 20 طلبا شهرياً، ومعظمها لأسباب التجنس بجنسية أخرى لا تسمح بالازدواجية، كما أكدت أحدث إحصائية صادرة عن مصلحة الجوازات بأن هناك 750 شاباً مصريًا تنازلوا عن جنسيتهم خلال 9 أشهر فقط منهم 90 شاباً من مدينة الأقصر. ويتقدم راغب التنازل عن الجنسية، بعدة خطوات أوها ملء استمارة مخصصة لهذا الغرض، يدلى فيها ببياناته الشخصية والعائلية ومعلومات عن والديه وأجداده المباشرين وأقاربه وبيانتهم، وتفاصيل جواز السفر، وعنوانه داخل مصر وخارجها، مع تاريخ اكتساب الجنسية الأجنبية، ورقم شهادة الجنسية المصرية، لأنه لا يجوز التنازل إلا بمرور 8 سنوات على الجنسية الأجنبية، كما تشترط وزارة الخارجية حضور الراغب فى التنازل بشخصه إلى السفارة فى حال تقدمه بالطلب فى الخارج. البعض يقدم طلباً للتنازل عن الجنسية احتجاجاً على شعوره بالظلم، مثل عصام محمد، 44 سنة، متنازل عن الجنسية المصرية عام 2005، والذى قال إنه اتخذ هذه الخطوة لرغبته فى الحصول على الجنسية الألمانية، حيث يقيم بألمانيا منذ حوالى 15 سنة، ويرغب فى افتتاح شركة خاصة، لأن القانون الألمانى يمنع ذلك لغير الألمان، مؤكداً أنه كان من الضرورى موافقة السلطات الألمانية على اكتساب جنسيتها. وأضاف إن اللجنة التى قيمت حالته استمرت عدة شهور دون البت فى القرار فلجأ لرفع دعوى بالقضاء الإدارى وتمكن من التنازل عن الجنسية المصرية، مؤكداً أنه يعشق مصر، وتنازله عن جنسيتها لا يعنى عدم إخلاصه لها ولكنها ظروف الحياة والمعيشة. أما بيومى إسماعيل، المحامى بالنقض، فرفع الأسبوع الماضى، دعوى بمجلس الدولة يطالب فيها بالتنازل عن جنسيته، لأنه مضطهد سياسياً، ويتم تلفيق تهم له، حيث قال، إنه من مواليد عابدين، بالقاهرة، وأب لخمسة أولاد و3 بنات، حاصلين على مؤهلات عليا، وأصغرهم فى الصف الثالث الابتدائى، وتم تلفيق قضية أموال عامة له مع متهمين ليس له صلة بهم، وصدر حكم ببراءته، فى يونيو 2003، ولكن نجله الأكبر لم يستطع الالتحاق بالكلية الحربية، ورغم نجاحه فى جميع الاختبارات، ووصوله إلى كشف الهيئة، بسبب سيرة والده. وأوضح إسماعيل أن مسلسل الاضطهادات التى تعرض لها بدأ مع دخوله معترك العمل السياسى من 1996 حتى 2002، حيث تسبب خوضه الانتخابات، فى محاولة منافسيه التخلص منه بتلفق الاتهامات منها مخالفات المبانى، و20 محضر سرقة تيار، انتهت بالبراءة ولكنه قضى سنة، فى السجن فى قضية تزوير أوراق مالية قبل حصوله على البراءة، إلا أنه فوجئ بتسجيل الأحكام والقضايا السابقة دون شطبها. وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة السابق، إن قضايا التنازل عن الجنسية وإسقاطها، يتم وفقاً للمبادئ الدستورية العامة، وتختص مصلحة الجوازات والهجرة بهذا الأمر فى حالة تواجد المواطن بالداخل، وإذا أراد مواطن مزدوج الجنسية طبقاً لأحكام الدستور التنازل عنها، يتقدم بطلب إلى القنصلية فى الدولة المتواجد بها أو السفارة المصرية وهى تتولى عرض الأمر على المصلحة بوزارة الداخلية، مؤكداً أنه لايجب تشجيع هذه الخطوة. وأضاف إن إسقاط الجنسية، يتم إذا حصل مواطن ما على جنسية دولة معادية لمصر حيث يجوز هذا الأمر لوزير الداخلية مشيراً إلى أن هذه الخطوة قد تستغرق عدة شهور لاستيفاء الأوراق المطلوبة، مثل دوافع الوزارة، ودفاع الشخص المتنازغ فى جنسيته، ويصدر الحكم نافذاً من محكمة القضاء الإدارى، يجوز الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا، ولا يوقف تنفيذ الحكم إلا بقرار من المحكمة وأوضح الجمل أنه فى حالة استرداد الجنسية بعد التنازل عنها، يتم تقديم الطلب لمصلحة الجوازات بوزارة الداخلية، ويتم تحويلها للقضاء الإدارى بمجلس الدولة، لتحديد إمكانية استردادها من عدمه، حيث يجب تقديم أسباب منطقية تبرر طلب التنازل عن الجنسية أو إسقاطها أو استردادها. ومن جانبه قال اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة سابقاً، إن وزارة الداخلية هى الجهة المنوط بها قبول طلبات التنازل عن الجنسية، من خلال السفارات ومصلحة الجوازات، مشيراً إلى أن طلبات التنازل محدودة، وتتم وفقاً للمادة 16 من قانون الجنسية المصرى، بقرار إدارى صادر عن السلطة التنفيذية، فى حال الخدمة العسكرية فى دولة أجنبية، والإدانة فى جناية تضر بأمن الدولة من الخارج، والعمل لمصلحة دولة أجنبية معادية، حصوله على جنسية دولة أخرى دون إخطار المسئولين، وفى هذه الحالة يحق لوزير الداخلية سحب الجنسية، كما يحق له منحها ثانية للشخص الذى تنازل عنها أو لمن تم إسقاطها عنه خلال 5 سنوات بعدما يقوم الشخص برفع دعوى أمام مجلس الدولة، ويقدم فيها أسباب طلب استرداد الجنسية، وتتم دراسة الأمر من خلال لجنة والرد عليه خلال شهور. وقد تقوم الدولة بإسقاط الجنسية عن أى مواطن ثبت انتماؤه للمؤسسة العسكرية بإحدى الدول، حيث تم اسقاط الجنسية عن حسام حسن أحمد، والذى رفع دعوى بمجلس الدولة، ضد وزارة الداخلية ومجلس الوزراء لإلغاء القرار وإثبات جنسيته هو وأولاده.