تامل عــــــن أهـــــم شخصيـــات فــي قصـــة ميــــلاد الــــرب يســــوع المسيــــح عـــــــن الشخصيــــة الثانيـــــة {حنــــة بنــت فنوئيـــــــل} وهــي أم العذراء مريم

الحق والضلال
تأملاتـي يا أحبائـي عــــــن أهـــــم شخصيـــات فــي قصـــة ميــــلاد الــــرب يســــوع المسيــــح عـــــــن الشخصيــــة الثانيـــــة {حنــــة بنــت فنوئيـــــــل} وهــي أم العذراء مريم
التأمــــل رقـــــم (47)
حنة إسمها بالعبراني معناه حنان – فضل - نعمة . هذه القديسة حنة زوجة الصديق يواقيم من سبط يهوذا ووالدة السيدة العذراء القديسة مريم .
كانت حنـة مــن سبـط أشير ، وقد بارك يعقوب عند موته أشير بالكلمات : " أَشِيرُ ، خُبْزُهُ سَمِينٌ وَهُوَ يُعْطِي لَذَّاتِ مُلُوكٍ" (تكوين 20:49) ، وحنة وجدت الخبز الحقيقي السمين في يسوع المسيح "وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ".
+ حنة هي والدة مريم العذراء . وجدة يسوع بحسب التقليد المسيحي . وكانت هذه ابنة لماثان بن لاوي بن ملكي من نسل هارون الكاهن، واسم أمها مريم من سبط يهوذا.

وكان لماثان هذا ثلاث بنات :
الأولى : مريم باسم والدتها وهي أم سالومي القابلة.

والثانية : صوفية أم أليصابات والدة القديس يوحنا المعمدان.

والثالثة : هي هذه القديسة حنة زوجة الصديِّق يهوياقيم من سبط يهوذا ووالدة السيدة العذراء مريم. وبذلك تكون مريم العذراء وسالومي وأليصابات بنات خالات.

+ عاشت حنة مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها، وبقيت أرملة نحو أربع وثمانين سنة وإذا افترضنا أن حنة تزوجت وهي في الخامسة عشرة من عمرها، فتكون قد صارت أرملة وهي في الثانية والعشرين وهي سن مبكرة جداً، وعاشت أرملة أربع وثمانين سنة، وهذا يعني أنها عاشت أكثر من مئة سنة.

+ هذا كله عرفته هذه الأرملة السعيدة . التي رغم تقدمها في السن "وقفت". فالسنون لم تحنِ ظهرها . فوقفت تسبّح الله.

+ ولا عجب لأنها "بنت فنوئيل". وفنوئيل هو اسم المكان الذي رأى يعقوب فيه الله . وباركه الله هناك وقال له: "لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ" (تكوين 28:32) . فحنة بنت فنوئيل . بنت مكان رؤية وجه الله. كانت أرملة فرحانة بالرب!

+ حنة هي مثال يُحتذى، وإذا اتخذتها كل امرأة سمح الرب أن يأخذ منها زوجها مثالاً لها، لعاشت حياة مملوءة بالفرح السماوي أو بعبارة أخرة لاختبرت رغم ترملها كيف تكون أرملة سعيدة

حنة لم ترثِ حظها
+ لم تشكّ حنة في محبة الرب الذي سمح بحرمانها من زوجها، ولم توجه اللوم إليه، ولم تفقد إيمانها به، ولم تتذمّر عليه بل تقبّلت موت زوجها خاضعة لحكمته وخطته لحياتها، وقررت أن تقضي بقية حياتها في عبادته وهذا واضح من الكلمات: "وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلاً وَنَهَارًا" (عدد 37).

+ وقد ذكرت حنة في مناسبة صعود القديسة مريم مع ابنها البكر يسوع إلى أورشليم بعد أن تمت أيام تطهيرها لتقدمه للرب "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ" (لوقا 23:2).

+ في هذا المشهد العظيم وقفت حنة تسبح الرب وحنة تُعتبر مثالاً جميلاً للترمّل ، يجب أن تتبعه كل امرأة ترملت في صباها أو شيخوختها حنة ترملت في شبابها الباكر.

+ كانت حنة نبية، وهذا يعني أن النبوة لم تكن وقفاً على الرجال وحدهم، فمريم أخت موسى كانت نبية (خروج 20:15)، ودبورة كانت نبية (قضاة 4:4)، وخلدة كانت نبيـة (2ملوك 14:22)، وعمل النبي أو النبية هو توصيل رسالة الله للناس.

+ هذه صورة رائعة لأرملة شابة أرملة تقبّلت إرادة الله بتسليم كامل، واتخذته قاضياً لها، يرعاها، ويحميها، ويملأ حياتها بالفرح والسلام. وهي تذكرنا بأرملة عاشت قبلها بزمن طويل، وهي راعوث الموآبية.

+ هذه المرأة تزوجت من شاب عاشت معه وقتاً قصيراً ومات وهي ما زالت في شبابها الباكر، ولم تتذمّر راعوث. كانت حماتها تحدثها عن إله إسرائيل، إله المعجزات، الذي أخرج شعبه من أرض مصر، بيت العبودية بيد قوية، وآمنت راعوث بهذا الإله العظيم، آمنت به بناء على ما قالته لها حماتها عنه. "إِذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ" (رومية 17:1).

+ فلما مات زوجها لم تشكّ في محبة هذا الإله، ولم توجّه إليه اللوم، وتركت أباها وأمها وأرض مولدها لتعود مع حماتها إلى أرض إسرائيل، وتحتمي تحت جناحي إله إسرائيل.

+ ولما رجعت سلفتها بعد موت زوجها إلى شعبها وآلهتها، وطلبت منها "نعمي" حماتها أن ترجع هي الأخرى كما رجعت سلفتها، "قَالَتْ رَاعُوثُ: لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجعَ عَنْكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلهُكِ إِلهِي. حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ وَهُنَاكَ أَنْدَفِنُ" (راعوث 16:1-17).

+ كانت راعوث مثالاً جميلاً لتعامل الكنّة مع حماتها وقد كافأ الرب راعوث الأرملة التي تركت أباها وأمها وشعبها، وذهبت مع حماتها لتعتني بها في شيخوختها، وأحبّت الرب رغم موت زوجها، فكافأ الرب إيمانها بأن أعطاها زوجاً صالحاً هو "بوعز" وأنتج هذا الزواج الابن الذي من نسله جاء يسوع المسيح. وهكذا صارت "راعوث" جدة ليسوع مخلص العالم . هذه صورة جميلة لأرملة أحبت الرب وتمسّكت به رغم الأحزان التي مرت بها.
          
تم نسخ الرابط