آخر تطورات إعادة رفاة شهداء ليبيا بعد العثور على جثثهم

بعد مرور نحو عامين ونصف علي حادثة ذبح 21 مصري قبطياً في ليبيا علي يد تنظيم "داعش" جاء إعلان السلطات الليبية عن العثور على رفات الضحايا في مدينة سرت الليبية ليطيب صدور مئات الأهالي الذين أنهكتهم وحشة الفراق لعدم وقوفهم على أماكن دفن ذويهم.
كانت السلطات الليبية كشفت مؤخراً عن تفاصيل جديدة حول واقعة ذبح الأقباط، مؤكدة أن التحقيقات استمرت على مدار الأشهر الماضية مع عدد من الإرهابيين للوصول لملابسات الحادث الإرهابي الأثيم بعدما أعلنت عملية "البنيان المرصوص" العسكرية - التابعة لحكومة الوفاق الليبية - نهاية الأسبوع الماضي النتائج الأولية للتحقيقات مع عناصر داعش المعتقلين، حول المجزرة التي وقعت في أواخر ديسمبر عام 2014.
ونشر المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص بياناً عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لقاءً مع أحد عناصر داعش المعتقلين والذي كان شاهداً على الجريمة.
وقال الداعشي الذي اعتقل من قبل القوات الليبية بعد إعادة السيطرة على المدينة: "كنت نائماً بمقر ديوان الهجرة والحدود بمنطقة السبعة بسرت، عندما أيقظني أمير الديوان هاشم أبو سدرة وطلب مني تجهيز سيارته وتوفير معدّات حفر، ليتوجه كلانا إلى شاطئ البحر خلف فندق المهاري بسرت، وعند وصولنا للمكان شاهدت عدداً من أفراد التنظيم يرتدون زياً أسود موحداً، و21 شخصاً بزي برتقالي اتضح أنهم مصريون، ما عدا واحد منهم أفريقي".
وتابع: "وقفت مع المتفرجين خلف آلات التصوير، وعلى رأسهم والي شمال أفريقيا المدعو أبو المغيرة القحطاني".
وأضاف "كان هناك 3 كاميرات الأولى على سكة متحركة يتحكم بها المسؤول الإعلامي للتنظيم محمد تويعب، وأخرى يتحكم بها أبوعبدالله التشادي، إضافة إلى كاميرات مثبتة على الشاطئ، وكان أبو معاذ التكريتي المخرج، وأوقف التصوير أكثر من مرة لإعطاء توجيهات خاصة لأبو عامر الجزراوي ليعيد الكلام أو النظر باتجاه إحدى الكاميرات، وتوقف التصوير في إحدى المرات عندما حاول أحد الضحايا المقاومة، فتوجه إليه تويعب وضربه، أما بقية الضحايا فكانوا مستسلمين، إلى أن بدأت عملية الذبح حيث أصدروا بعض الأصوات قبل أن يلفظوا أنفاسهم".
وأوضح أن أبو عامر الجزراوي قائد المجموعة، وهو من كان يلوح بالحربة ويتحدث باللغة الإنجليزية في الفيديو
واختتم حديثة قائلا "أمر القحطاني بإخلاء الموقع، فكانت مهمتي أخذ بعض الجثث بسيارتي والتوجه لدفنها جنوب مدينة سرت في المنطقة الواقعة بين خشوم الخيل وطريق النهر".
وكانت هذه الشهادة هي من قادت النيابة العامة الليبية إلى تحديد مكان دفن الجثث، حيث تم الإعلان عنها صباح يوم الجمعة الماضي.
وقال مكتب النائب العام الليبي إن الأجهزة المختصة عثرت على المقبرة التي تضم 21 جثماناً وجدت مكبلة الأيادي ومقطوعة الرأس، وبالزي البرتقالي، كما ظهرت في الفيديو الذي بثته داعش في 15 فبراير 2015.
فرحة الأقباط
من جانبهم أعرب النشطاء الأقباط عن فرحتهم بالتصريحات الليبية بشأن العثور علي رفات الشهداء الأقباط، مطالبين الحكومة المصرية بالتعاون مع نظيرتها الليبية لتسهيل عودة رفات الضحايا.
قال كريم كمال، رئيس الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن، إن إعلان مدير التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي، فى تصريحات لوسائل إعلام ليبية، نهاية الأسبوع الماضي، عثور السلطات الأمنية الليبية على رفات الـ 21 قبطيًا فى مدينة سرت الليبية، والذين تم ذبحهم على يد تنظيم داعش "خبر مفرح، أثلج صدور عائلات الشهداء، وأثلج صدورنا جميعًا".
وأضاف كمال "لقد تألمت عائلاتهم لعدم معرفة مكان رفاتهم، خلال الفترة الماضية، والتي امتدت إلى أكثر من عامين، واليوم نحتفل جميعاً بشهداء مصر الأبطال الذين رفضوا التخلي عن إيمانهم".
وطالب كمال الحكومة المصرية بمتابعة التحقيقات الجارية وإعادة رفات الشهداء فى أسرع وقت ممكن، وتكريمهم وسط عائلاتهم الذين أصابهم الحزن، كما دعا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بإعداد مزار جماعي يليق بهؤلاء الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لإيمانهم.
وتوجه بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أخذ حق الشهداء منذ اللحظة الأولى، وللحكومة المصرية على جهودها فى متابعة القضية والتحقيقات، وأيضا لدولة ليبيا وحكومتها والسلطات المعنية على جهودها فى القبض على الجناة، والكشف عن مكان رفات الشهداء.
وأوضح مينا مجدي، المنسق العام لاتحاد شباب ماسبيرو، أن خبر العثور على رفات الشهداء الاقباط بليبيا أثار فرحة جميع الأقباط ، مضيفاً "بقدر ما كان مشهد استشهادهم حزيناً ومؤثرا بقدر ما فرح الأقباط بخبر العثور على رفاتهم".
وأشار إلي أن موقف الحكومة المصرية من التطورات الجديدة يحتاج إلى توضيح للرأي العام، وتابع "هناك تساؤلات كثيرة، ومنها متى ستعود الرفات إلى الأراضي المصرية هل هناك إجراءات أو مراسم مصرية ستجري كم رفات عُثر عليها؟ كل هذه تساؤلات تحتاج إلى إجابة واضحة من الحكومة المصرية فجميع الأخبار الواردة عن الشهداء هى نقلاً عن النائب العام الليبى، ولا توجد أي معلومات تم الإعلان عنها من قبل الحكومة المصرية.
مزار الشهداء
من جانبه أعلن القس مقار عيسى، راعى كنيسة السيدة العذراء مريم بقرية العور بمركز سمالوط فى محافظة المنيا، أن الكنيسة أعدت مزارًا خاصًا لشهداء الأقباط المصريين بليبيا، وذلك استعدادًا لاستقبال رفاتهم بكاتدرائية شهداء الإيمان والوطن، التى بنيت بأمر الرئيس السيسى تخليدًا لذكراهم.
وأشار في تصريحات له إلى أن الكنيسة تتابع مع وزارة الخارجية، خطوات عودة رفات شهداء الأقباط المصريين بليبيا إلى مصر، موضحاً انه حتى الآن لم يتم إبلاغهم بموعد عودة رفات الشهداء إلى مصر.
مذبحة ليبيا
كان تنظيم داعش قد أعدم 21 مصري قبطي تحت عنوان "رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب"، حيث بث تنظيم الدولة فيديو يظهر عملية ذبح 21 مصري على إحدى السواحل يشار إليها إلى أنها في ليبيا.
وأظهرت الصور معاملة مشينة من عناصر داعش للأسرى، حيث ساقوهم واحداً واحداً إلي أن تم ذبحهم وأظهرت إحدى الصور تلطخ مياه البحر بلون الدم.
تفاصيل الخطف
في الثلاثين من ديسمبر 2014، خُطف 7 من العمال المصريين الأقباط في مدينة سرت شرق ليبيا، حيث قطع طريق عودتهم لمصر، ثم خُطف 14 آخرون في 3 يناير 2015 من مساكنهم في سرت أيضاً.
في 5 يناير 2015، أعلنت وزارة الخارجية عن قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء خلية أزمة لمتابعة قضية المخطوفين، وأنها في حالة انعقاد دائم وتضم ممثلين عن كافة الوزارات والأجهزة الأمنية المعنية.
أجرت الخلية محادثات مع شيوخ القبائل الليبية، والسلطات الليبية الرسمية، ووزراء خارجية أوروبيين، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري وبعد مرور أسابيع على الاختطاف، نظم العشرات من أهالي المختطفين وقفة احتجاجية أمام وزارة الخارجية مطالبين بسرعة التحرك للإفراج عن ذويهم في 19 يناير، وأرسلوا رسائل تفيد عدم الرضا عن جهود الدولة لاستعادة أبنائهم.
نشر تنظيم داعش مقالاً حول الخطف مرفقاً بصور في مجلة يصدرها باسم "دابق"، وبعدها بأيام وتحديدا في 15 فبراير نُشر فيديو مدته 5 دقائق يظهر قتل المختطفين الـ21 ذبحا.
السيسي يثأر
على الفور ألقي الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة أوضح خلالها بدء التعامل مع الإرهاب بدون أي ازدواجية في المعايير، مؤكداً أن مصر تمتلك حق الرد على داعش.
وقدم الرئيس السيسي، العزاء للشعب المصري وأسر الضحايا، مشيًرا إلى أن المصاب هو مصاب مصر كلها، وأن هذه الأعمال الجبانة لن تنال من عزيمة مصر، وأعلن السيسي في كلمة له، أن أول قراراته دعوة مجلس الدفاع الوطني للانعقاد والتباحث حول القرارات والإجراءات المقرر اتخاذها.
ووجه رئيس الجمهورية من وزير الخارجية بالسفر إلى واشنطن لإجراء الاتصالات العاجلة مع الأمم المتحدة للمشاركة في اتخاذ قرارات هامة ضد الإرهاب مؤكدا بأنه قد آن الأوان لهزيمة الإرهاب مرة أخرى.
ووجه الرئيس حكومة ابراهيم محلب في ذلك الوقت لاتخاذ كافة الإجراءات للوقوف مع أهالي الضحايا بكل الطرق الممكنة بالإضافة إلى منع المصريين من السفر إلى ليبيا.
كما وجه أجهزة الدولة لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لعودة المصريين الراغبين في العودة لأرض الوطن وقال السيسي بأن مصر ودول العالم اجمع تواجه معركة شرسة ضد تنظيمات إرهابية متطرفة وأن الأوان لكي نتعامل معها جميعا.
صرخات الكنيسة
وفي تلك الأثناء أعربت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية،عن استنكارها لذبح تنظيم داعش الإرهابى لـ21 قبطيًا مصريًا بليبيا، مشيرة إلي أن دماءهم تصرخ إلى الله.
وقالت الكنيسة فى بيان رسمي لها وقت الحادث: "تستودع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وعلى رأسها البابا تواضروس الثانى فى هذه اللحظات العصيبة شهداءها الأبرار، واثقين أن وطنهم العظيم لن يهدأ له بال حتى ينال الجناة الأشرار جزاءهم العادل إزاء جريمتهم النكراء، كما نثق فى دور الدولة بكافة مؤسساتها واهتمام المسئولين الذى ظهر منذ بداية الأزمة .
وتابع البيان: " إذ نشارك أسر أبنائنا الأحباء، فإننا نعزى الوطن كله ، إن دماءهم تصرخ أمام الديان العادل الذى لا يغفل ولا ينام وسوف يجازى كل أحد عما صنعته يداه ونصلى إلى الله أن يحفظ مصر ووحدتها وأن ينعم بالسلام فى ربوع البلاد".