هل يمكن التراجع عن القرار؟.. صندوق النقد الدولي يحذر مصر من التسرع في خفض الفائدة

حث صندوق النقد الدولي مصر على توخي الحذر في خفض أسعار الفائدة، في ظل الضبابية العالمية الناجمة عن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن الرسوم الجمركية.
خفضت مصر أسعار الفائدة الشهر الماضي لأول مرة منذ ما يقرب من خمس سنوات، بعد أن انخفض التضخم السنوي إلى 13.6%، أي أقل من نصف ذروته في سبتمبر 2023. ورغم بعض التوقعات المعدلة عقب تحركات ترامب، يعتقد العديد من خبراء الاقتصاد أن البنك المركزي المصري قد يخفض أسعار الفائدة بما يتراوح بين 600 إلى 800 نقطة أساس في عام 2025.
أكد محمد معيط المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي للدول العربية والمالديف على أهمية الحكمة في اتخاذ القرارات النقدية.
في مقابلة بواشنطن، أوضح معيط: "في ظل الوضع العالمي والإقليمي الراهن، يجب أن نكون حذرين ومتيقنين تمامًا من جدوى أي قرار قبل اتخاذه فبناءً على البيانات والتحليلات والمعلومات، لا يمكن اتخاذ قرار ثم التراجع عنه لاحقًا".
ومع ذلك، وفقاً لجهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، فإن أي تخفيضات إضافية ينبغي التعامل معها بحذر.
من الضروري للغاية توخي الحذر في إدارة السياسة النقدية في ظل الصدمات الحالية. نرى مخاطر عودة التضخم؛ ولذلك قال أزعور في مقابلة بواشنطن "من الضروري الحفاظ على سياسة نقدية حازمة تسمح بعودة التضخم إلى مستويات مستقرة من خانة واحدة".
ترويض التضخم أولوية

وكان مكافحة التضخم هدفا محوريا لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي وصناع القرار النقدي، الذين سمحوا للجنيه المصري بالهبوط بأكثر من 40% قبل عام ورفعوا أسعار الوقود والكهرباء والسلع الأخرى لتأمين التمويل الخارجي وإنهاء الأزمة الاقتصادية الخانقة وكانت صفقة الإنقاذ التي قادتها دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي قد قدمت لمصر دعما ماليا بقيمة نحو 57 مليار دولار.
في مارس 2024، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي مرتفع مع خفض قيمة العملة. وظل سعر الفائدة دون تغيير حتى تم خفضه الشهر الماضي بمقدار 225 نقطة أساس إلى 25%.
ثم أعلنت لجنة السياسة النقدية أنه من المتوقع أن يستمر التضخم في الانخفاض هذا العام والعام المقبل، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كان عليه في الربع الأول من عام 2025. ومع ذلك، فقد سلطت اللجنة الضوء على مخاطر إيجابية، بما في ذلك "الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة وتصاعد الصراعات الجيوسياسية الإقليمية"
ضغوط سوقية وتحذيرات من التراجع
وشهد السوق المحلي تدفقات رأس مال أجنبية تجاوزت المليار دولار في أبريل وفقا لتقديرات جولدمان ساكس، بعد أن أعلن ترامب عن رسوم جمركية جديدة، مما أثار اضطرابات مالية عالمية.
وانخفض الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته على الإطلاق في أعقاب هذه الأحداث، قبل أن يعوض بعض خسائره. تخضع مصر لرسوم جمركية أمريكية أدنى قدرها 10%.
وعلى الرغم من التراجع الأخير، فإن أسعار الفائدة الحقيقية ــ المعدلة وفقاً للتضخم ــ تظل من بين أعلى المعدلات في العالم، عند نحو 11.5%.