مشاهد غير مسبوقة أمام محكمة دمنهور

رغم قانون التظاهر وتجريم الحشود أمام المحاكم.. لماذا صمتت الحكومة أمام مظاهرات قضية الطفل ياسين؟ وهل يسمح التعاطف العام بتجاوز القوانين؟

مشاهد غير مسبوقة
مشاهد غير مسبوقة أمام محكمة دمنهور

في واقعة لافتة للنظر، تجمهر المئات أمام محكمة جنايات دمنهور خلال جلسة النطق بالحكم في قضية الطفل ياسين، التي هزت الرأي العام المصري. ورغم وضوح مواد قانون التظاهر وتجريمه لأي تجمهر أمام المنشآت القضائية، لم تتدخل أي جهة رسمية لمنع هذه الحشود أو تفريقها، وهو ما أثار تساؤلات واسعة حول أسباب هذا الصمت الحكومي المريب.

ما الذي يقوله قانون التظاهر المصري؟

ينص قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013، على ضرورة الإخطار المسبق قبل أي تجمع بـ72 ساعة على الأقل، مع تحديد مكان المظاهرة وأهدافها وعدد المشاركين. كما يُعد التظاهر أمام المنشآت القضائية – كمحاكم الجنايات – محظورًا تمامًا لتفادي التأثير على سير العدالة أو الضغط على القضاة.

ووفقًا لهذا القانون، فإن ما حدث أمام المحكمة في قضية الطفل ياسين يُعد مخالفة صريحة تستوجب التدخل الفوري، وهو ما لم يحدث.

هل تحولت قضية الطفل ياسين إلى استثناء قانوني؟

مع تعاطف شعبي واسع وغضب مجتمعي مكتوم، بدا أن قضية الطفل ياسين خرجت من إطارها الجنائي، لتتحول إلى رمز لحالة مجتمعية مشحونة بالمطالب بالعدالة السريعة والحاسمة. هذا ربما ما دفع الحكومة لغض الطرف عن تطبيق نصوص القانون بشكل صارم.

لكن غياب رد الفعل الرسمي تجاه التظاهر أمام المحكمة في هذه القضية، يطرح إشكالية قانونية: هل يسمح التعاطف العام بتجاوز القوانين؟ وهل بات تطبيق القانون انتقائيًا وفقًا لطبيعة القضية ومدى انتشارها في وسائل الإعلام؟

إبراهيم عيسى: نحن أمام بروفة لغضب مجتمعي أكبر

الإعلامي إبراهيم عيسى وصف في برنامجه "حديث القاهرة" ما جرى في محيط المحكمة بأنه "عاصفة اجتماعية" أكثر من كونه حادثًا جنائيًا، محذرًا من أن تجاهل هذه الإشارات قد يكون تمهيدًا لتحولات أعمق في المزاج العام. وأشار إلى أن مشهد المظاهرات أمام المحكمة يشبه ما وصفه بـ"بروفة لغضب مفصلي"، يستحق من الدولة أن تقف عنده لا أن تتجاهله.

رسائل صمت الحكومة: تهدئة أم حسابات أخرى؟

صمت الحكومة لم يمر مرور الكرام، بل فسره البعض بأنه نوع من امتصاص الغضب الشعبي، في وقت تحتاج فيه الدولة إلى تمرير رسائل تهدئة لا تصعيد. فيما اعتبره آخرون تجاهلًا خطيرًا يعكس ازدواجية في تطبيق القانون، ما قد يفتح الباب أمام تكرار التجربة في قضايا أخرى مستقبلًا.

خلاصة القول

ما حدث في محكمة دمنهور في قضية الطفل ياسين لا يجب أن يمر دون مراجعة. فالقانون يجب أن يُطبّق على الجميع دون انتقائية، حتى لا يتحوّل الغضب المشروع إلى فوضى غير محكومة. الدولة مطالبة بتفسير رسمي لما جرى، حفاظًا على هيبة القانون وحقوق المجتمع في آن واحد.

          
تم نسخ الرابط