حوار مع الناقدة جهاد طه.. شغف مبكر يصنع حكاية استثنائية

جهاد طه
جهاد طه

وسط زحام العصر وتحديات جيل "Z"، تبرز الناقدة الأدبية والفنية جهاد طه كأحد النماذج الشابة الملهمة، حيث جمعت بين شغف الكتابة والنقد ودورها في تعليم الأجيال فنون الإبداع داخل قصر ثقافة بني سويف، إلى جانب عملها الصحفي في عدد من المنصات الإعلامية. وفي سن مبكرة، استطاعت أن تثبت حضورها كرمز ثقافي يسهم في إعادة الاعتبار للقراءة والفنون بين الشباب.

 


جهاد طه


بدأ حب وشغف الكتابة والفنون لدى جهاد طه، في سن صغير، وكان ووالدتها هي الداعم الأول لها، وكانت تُنمي فيها حب الفن، والأدب، حتى أن جهاد كانت تقُص على أمها القصص التي تقرأها بأسلوبها، وكانت تلمح الفرحة، والفخر في أعينها، وفي تلك اللحظة، عَرفت جهاد طه، وجهتها، واتخذت من الثقافة، والفن، والأدب، والصحافة، طرق تُظهر فيها إبداع منحه الله إياه.

 

 

قصر ثقافة بني سويف


كان هو نقطة البداية، وبدأت تنمي مهاراتها الكتابية بشكل إحترافي، ودخلت عالم الصحافة من عدة بوابات عملاقة منها: "مدونة فيتشر"، وعدة جرائد ومواقع إخبارية أخرى منها:

 

  • الكرمة
    مجلة مسرحنا
    موقع الحق والضلال

 

 

حوار الحق والضلال

 

تحدثنا مع جهاد طه؛ إيمانًا منا بدور الصحافة في الكشف عن النماذج المشرفة للوطن، والقدوة الحسنة للشباب والشابات، وطرحنا عليها الأسئلة التي من خلالها تعرفنا على دورها في قصر الثقافة بصفتها ناقدة فنية، وأدبية، وكذلك دورها في مَنح الورش لتعليم فنون الكتابة للكبار والصغار:

 

 


كيف بدأت علاقتك بعالم الأدب والنقد؟

 

بدأت علاقتي بعالم الأدب منذ زمن بعيد، منذ طفولتي الأولى، حين كانت أمي تقص عليّ حكايات بسيطة قبل النوم، بصوتها الدافئ الذي جعل الخيال جزءًا من يومياتي. ومع مرور الوقت، كنت أنا من يروي لها القصص، فأصغي إلى انبهارها وتشجيعها الدائم لي، وهو ما غرس بداخلي ثقة مبكرة بقدرة الكلمة على أن تدهش وتؤثر.

 

 

شيئًا فشيئًا، انتقلت من الاستماع والقص إلى الكتابة، فكانت محاولاتي الأولى شديدة البساطة، تخلو من مقومات القصة الفنية، لكنها كانت صادقة ومشحونة بالخيال. ظل الأمر مجرد محاولات متعثرة إلى أن التحقت بورشة أدبية صغيرة بإحدى قصور الثقافة في محافظتي. ورغم بساطتها وعدم اكتمالها، فإنها أيقظت بداخلي شغفًا أكبر بالكتابة، وجعلتني أبحث عن فرصة أكثر جدية لصقل موهبتي.

 

وجاءت الفرصة الحقيقية حين التحقت بورشة الناقد محمد علام، والتي يمكن القول بثقة إنها شكلت نقطة التحول الكبرى في رحلتي. فهذه الورشة لم تكن مجرد لقاء للتدريب على تقنيات السرد، بل كانت بوابة فتحت أمامي آفاق الأدب والنقد، وألقت بي في قلب عوالم الفن المختلفة. هناك، أدركت أن الكتابة ليست مجرد فعل عابر، بل مسؤولية ووعي وتجربة إنسانية كاملة

 

 


من الذي ألهمك في بداياتك؟

 

أمي..

 


هل هناك كاتب أو ناقد تعتبرينه قدوة لك؟

 

الناقد محمد علام من الأحياء، أما الموتى يمكن الجزم بأن هناك العديد مثل نجيب محفوظ، يوسف السباعي

 

 

متى أدركتِ أنكِ تمتلكين القدرة على نقل شغفك بالأدب إلى الآخرين من خلال الورش؟

 

 

كنتُ طالبةً في ورشة نادي أدب الطفل، وكان الكاتب محمد علام هو المدرب الرئيسي لها. لقد ألهمني بحق أن أنقل ما اكتسبته من خبرة على يديه، إضافةً إلى تجاربي الحياتية، إلى الأطفال والشباب.

 

وقد رشحني للقيام بدوره، فبدأت بالفعل في إعداد المادة الأساسية للشرح. والحمد لله، صرنا نلمس نتائج مبشّرة توحي بظهور جيل قارئ ومثقف، قادر على تعويض المجتمع عمّا فقده من كثير من معاييره

 

 

 

ما تعريفك للنقد الأدبي؟ وهل هو إبداع موازٍ للعمل الأدبي أم مجرد قراءة تحليلية؟

 


أؤمن أن النقد ليس تحليلًا فقط، بل إبداع يفتح النص على آفاق جديدة تكمل الخطاب السردي وتمنحه حياة أخرى


أبرز الأخطاء التي يقع فيها الكُتّاب الجدد التسرع في الكتابة دون امتلاك قاعدة قرائية قوية، فينعكس ذلك على النصوص فتبدو سطحية أو مكررة. كما يقع الكثيرون في فخ التقليد المفرط، سواء لأسلوب كاتب مشهور أو لبنية قصصية جاهزة، مما يفقد النص صوته الخاص ويحد من أصالته.


كذلك يغفل بعضهم عن أهمية الجانب الفني، مثل بناء الشخصيات بعمق أو ضبط الإيقاع السردي ولغة الحوار، فينحصر النص في مجرد حكاية بلا روح. يضاف إلى ذلك ضعف المراجعة؛ إذ يكتفي الكاتب بالنص في مسودته الأولى دون تهذيب أو تنقيح، فيترك أخطاء لغوية وأسلوبية تقلل من أثر العمل، وتُضعف فرصه في الوصول إلى القارئ بشكل مؤثر.

 

 

 

هل يمكن أن يكون الناقد صديقًا للكاتب أم أن العلاقة محكومة بالمسافة دائمًا؟

 


في تجربتي الشخصية، وجدت أن معظم العروض المسرحية التي كتبت عنها كان مخرجوها من أصدقائي، أو على الأقل ممن تربطني بهم معرفة سطحية. وهذا الأمر كان يشكّل تحديًا حقيقيًا لي؛ إذ كان عليّ أن أوازن بين خصوصية العلاقة الإنسانية وضرورة الحفاظ على الموضوعية النقدية

 


ما الهدف الأساسي من ورش الكتابة التي تقدمينها للكبار والصغار؟

 


الهدف الأساسي من ورش الكتابة، سواء للكبار أو الصغار، هو خلق مساحة حرة للتعبير، يتعلم فيها المشارك كيف يحول تجربته ومخيلته إلى نص حيّ. أسعى دائمًا إلى أن تكون الورشة بيئة تشجع على القراءة والنقاش وتبادل الرؤى، لأنها ليست مجرد تدريب تقني على الكتابة، بل رحلة لاكتشاف الذات وصوتها الخاص

 


ما الفروق الجوهرية التي تلاحظينها بين تعليم الكبار وتعليم الصغار؟

 

الأطفال لديهم ذائقة خاصة وخيال أعمق بحكم قلة الخبرات، فحقيقي استمتع إلى خيالهم بشدة

 

 

صعوبات وتحديات

 

من أبرز الصعوبات التي واجهت جهاد طه، خاصة وأنها فتاة، هي صعوبة التحرك، والإنتقال من مكان ‘لآخر بسبب أسرتها، وخوفهم عليها، وكانت تلك النقطة حجر عثرة أمام جهاد لتقدم المزيد من النجاحات في عالم الصحافة، وتوثيق الأخبار، والوقائع، وعلى الجانب الفني، فإن صعوبات النقد تكمُن في المصادر، والمراجع الأدبية ، والوصول إليها؛ حيث أن الأمر شاق جدًا.


كما أن هناك جانب آخر من المعاناة وهو إحباط من حولها حيث أن الثقافة ليست بالمجال الواسع والمنتشر في الوقت الحالي، ولكن هناك من يدعمونها من أجل خطوات كثيرة للإمام، وبفضلهم بعد الله سبحانه، ووالدتها، أحرزت الكثير من أهداف خططت لها في حياتها، وفي سن مُبكر.
 

جهاد طه و والأستاذ محمد علام

 

جهاد طه أثناء شرح ورش الكتابة في قصر ثقافة بني سويف

 

 

 

          
تم نسخ الرابط