قالت صحيفة العرب اللندنية، إن تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وسع من نطاق دعاية في وسائل إعلام تابعة له تقول إن انقسامات حادة بين جيلي القيادات التاريخية والشباب تعصف بصفوف التنظيم من الداخل مع اقتراب الذكرى الخامسة لاحتجاجات 25 يناير الحاشدة التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك عام 2011. وكانت مواقع إخبارية ووسائل إعلام مرتبطة بالتنظيم أول من كشف النقاب عن هذه الخلافات التي أسفرت عن وقف المتحدث باسم الجماعة في مصر محمد منتصر وتعليق عضويته لمدة أربعة أشهر. وأكدت مصادر مقربة من التنظيم في مصر للصحيفة، أن تضخيم الحديث عن الانقسامات داخلها، جاء من قبل مجموعة قيادات تقليدية تحاول التبرؤ من عنف الشباب، وإبعاد اتهامات دأبت الحكومة المصرية من خلالها على تحميل قيادات التنظيم المسؤولية عن العنف. وقالت المصادر إن التنظيم يشهد بالفعل خلافات في وجهات النظر، لكنها لا ترقى إلى مستوى الانقسامات الحادة التي تتم الإشارة إليها حاليا، وذكرت أن محاولة تصدير هذه الخلافات إلى الرأي العام يهدف حتما إلى التسويق لشكل ديمقراطي زائف داخل التنظيم، وتقديم صورة قد تجذب تعاطفا سياسيا مع القيادات الشيوخ، حيث يخضع أغلبهم إلى محاكمات أمام القضاء المصري. وقال عبدالجليل الشرنوبي، رئيس تحرير موقع إخوان أونلاين السابق الذي انشق عن الإخوان منتصف عام 2011، إن “عددا من قيادات اللجان النوعية التابعة للإخوان تم القبض عليهم، وكشفوا عن معلومات مهمة لأجهزة الأمن المصري، تتعلق بالخطط والترتيبات، وقدموا أدلة دامغة على تورط الجماعة في أعمال عنف داخل مصر”. وسعت قيادات التنظيم إلى تسويق ميوعة القيادة المركزية التي لطالما عرف عنها الحسم، كما سوقت أنها تفتقر إلى القدرة على التحكم بلجان وفرق تتصارع حول القيادة. وتهدف القيادات التاريخية عبر ذلك إلى نفي المسؤولية عن أي أعمال عنف في حالة تمكن الحكومة المصرية من تقديم أدلة تعزز اتهام تنظيم الإخوان بحمل السلاح. وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها قيادات التنظيم إلى افتعال الخلافات من أجل الحفاظ على صورتها. فقد تبرأ مؤسس التنظيم حسن البنا من أعضائه الذين تورطوا عام 1948 في اغتيال رئيس الوزراء المصري آنذاك محمد فهمي النقراشي بمقولته الشهيرة عن مرتكبي حادث الاغتيال “ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين”. ولاحظ الشرنوبي الذي كان مسؤولا عن إعلام المحافظات في تنظيم الإخوان المسلمين، أنه “ما يحدث هو من المرات النادرة أن تتصاعد الخلافات فيها وتنطلق من وسائل إعلام الإخوان أولا، التي لا تعمل إلا بأوامر مباشرة من القيادات، ثم انتقلت منها إلى وسائل إعلام أخرى”. وأضاف “الحاصل أن الخلاف حول العنف موجود نظريا بين الشيوخ والشباب، لكن في الحقيقة هو أصيل عمليا لدى كليهما، لكن الفريق الأول يحاول الاستفادة منه ونفيه، لتحسين العلاقة بنعومة ودبلوماسية مع الدوائر الغربية، حيث قال تقرير حكومي بريطاني إن بعض أعضاء الجماعة يميلون إلى العنف، كما يحاول الشيوخ توظيف العنف في اتجاه عدم قطع العلاقة مع التيار الإسلامي المتشدد، وهو ما يؤكد أن الجماعة حريصة على علاقتها به”. وقال الشرنوبي إن “هناك أصواتا مختلفة تتصدر المشهد حاليا داخل الإخوان، قادرة على تضليل الرأي العام، داخل مصر وخارجها، لكن الرسالة في الحالتين واحدة، وهي تبرير العنف، واستباق التنصل من أي مسؤولية سوف يواجهها التنظيم في المستقبل”. ويبقى الثابت أن القيادات القديمة تحاول توصيل رسالة للحكومة المصرية وهي أنها تتحلى بالحكمة والبراغماتية التي تؤهلها للتفاوض مع أي جهة، على عكس الشباب الذين يتسمون بالانفلات. وتضع هذه الرسالة الحكومة المصرية أمام حتمية التعامل مع الشيوخ وتجاهل الشباب الذين قد يلجأون إلى العنف إذا ما أصرت السلطات على سد المنافذ السياسية مع الفريق الأول. وقال هشام النجار الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، إن ما يجري الآن “مناورات إخوانية صرفة، يؤكدها تاريخهم، وتدعمها تصرفاتهم خلال الفترة المنصرمة”. وأوضح أن أجهزة الأمن المصرية “وجهت ضربات قاصمة للجماعة، حيث تمكنت من إلقاء القبض على عدد كبير من القيادات الفاعلة، وهو ما أدى إلى شل حركة الجماعة مؤخرا، وزيادة حدة الارتباك والإخفاق في توصيل الأوامر والتعليمات بصورة هرمية، فهناك حلقات سقطت من المنتصف، أصابت التنظيم بالعطب”