خطوة جديدة لحماية أحد أقدم مواقع العبادة المسيحية في العالم

اتفاق تاريخي بين مصر واليونان لحماية دير سانت كاترين بجبل سيناء وضمان طابعه الديني للأبد

الاتفاق التاريخي
الاتفاق التاريخي بين مصر واليونان بشأن دير سانت كاترين

في خطوة وُصفت بأنها تاريخية، أعلنت الحكومة اليونانية اليوم الخميس عن توقيع اتفاق جديد مع مصر يهدف إلى حماية وصون دير سانت كاترين الواقع عند سفح جبل سيناء، أحد أقدم وأقدس مواقع العبادة المسيحية في العالم. ويأتي الاتفاق ليؤكد التزام البلدين بالحفاظ على القيمة الروحية والتاريخية للموقع، ومنع أي تغييرات تمس طابعه الديني أو المعماري الفريد.

وفي بيان رسمي تابعه موقع الحق والضلال، أكد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أمام البرلمان أن الاتفاق "يضمن طابع الدير إلى الأبد"، مشددًا على أنه يحظر أي تحويل أو تدخل يؤثر على قدسية المكان الذي يمثل رمزًا للتاريخ الديني والتعايش الإنساني على أرض سيناء.

تفاصيل الاتفاق المصري اليوناني

وأوضح ميتسوتاكيس أن الاتفاق جاء بعد أشهر من التفاهمات واللقاءات الدبلوماسية بين القاهرة وأثينا، بهدف وضع إطار قانوني يضمن حماية دير سانت كاترين من أي أعمال تطوير سياحي غير منسقة. وأضاف أن البلدين اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين المصري واليوناني للإشراف على مشروعات الحفاظ والصيانة والتوثيق التاريخي للموقع، بما يضمن الحفاظ على هويته الأصلية.

وأشار رئيس الوزراء اليوناني إلى أن القاهرة أكدت التزامها الكامل بالحفاظ على المواقع الدينية ذات القيمة العالمية، مشيدًا بتعاون الحكومة المصرية في دعم التراث المشترك بين البلدين، لافتًا إلى أن الدير سيظل مفتوحًا أمام الزوار والحجاج من مختلف دول العالم في إطار من التنظيم والحماية.

موقف مصر من الاتفاق

من جانبها، أكدت مصادر دبلوماسية في القاهرة أن الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا بحماية التراث الديني والإنساني في دير سانت كاترين، مشيرة إلى أن الاتفاق مع اليونان يُعد تجسيدًا للتعاون الحضاري بين الشعبين اللذين يجمعهما تاريخ طويل من التبادل الثقافي والديني.

وشددت المصادر على أن الحكومة المصرية لم ولن تتخذ أي إجراءات تمس قدسية المواقع الأثرية أو الدينية، بل تعمل باستمرار على تطوير الخدمات السياحية المحيطة بها دون المساس بأصالتها. كما أوضحت أن الاتفاق مع الجانب اليوناني يأتي في إطار رؤية مصر لتعزيز السياحة الدينية وجعل سيناء مركزًا عالميًا للتسامح والحوار بين الأديان.

تصريحات وزارة الخارجية اليونانية

ونقلت وسائل إعلام يونانية عن مسؤول رفيع بوزارة الخارجية في أثينا قوله إن الاتفاق الجديد يمثل “ثمرة تفاهم متبادل واحترام متبادل للتراث الديني المشترك بين مصر واليونان”، مضيفًا أن القاهرة وأثينا عملتا خلال الأشهر الماضية على صياغة حلول تضمن حماية الموقع من أي نشاطات قد تخل بتوازنه البيئي والروحي.

مكانة دير سانت كاترين عالميًا

يُعد دير سانت كاترين من أقدم الأديرة العاملة في العالم، حيث يعود تأسيسه إلى القرن السادس الميلادي، ويقع عند سفح جبل سيناء الذي يُعتقد أنه المكان الذي تلقى فيه النبي موسى الوصايا العشر بحسب الموروث الكتابي. ويضم الدير مكتبة نادرة تحتوي على آلاف المخطوطات التاريخية والوثائق الدينية، من بينها أقدم النصوص المسيحية المكتشفة، إلى جانب مجموعة من الأيقونات واللوحات البيزنطية الفريدة.

كما يُعتبر الدير ومحيطه أحد أهم معالم التراث العالمي المسجل في قائمة منظمة اليونسكو، ويستقطب سنويًا آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم بفضل رمزيته الدينية والتاريخية، فضلاً عن موقعه الجغرافي المميز الذي يعكس تلاحم الطبيعة والتاريخ والروحانية.

ما وراء الخبر

الاتفاق بين مصر واليونان حول دير سانت كاترين لا يحمل بُعدًا دينيًا فقط، بل يُعد خطوة دبلوماسية مهمة في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصًا في مجال التعاون الثقافي والحضاري. ويؤكد هذا التفاهم المشترك على احترام مصر للتنوع الديني وحماية المواقع المقدسة باعتبارها تراثًا إنسانيًا مشتركًا لا يخص أمة أو ديانة بعينها.

خلاصة القول

يأتي الاتفاق التاريخي بين مصر واليونان بشأن دير سانت كاترين ليؤكد مكانة مصر كحارس للتراث الديني العالمي، وحرصها الدائم على صون الرموز الروحية التي تجسد قيم التسامح والسلام عبر العصور. ويمثل هذا التفاهم نموذجًا يُحتذى به في التعاون الدولي لحماية التراث الإنساني المشترك من التهديدات والتغييرات التي قد تمس أصالته.

          
تم نسخ الرابط