اعتراف صريح من قلب الأب الروحي للكنيسة
البابا تواضروس الثاني يكشف في عظته أخطر ما يواجه الخدمة الكنسية اليوم
في الذكرى الثالثة عشرة لجلوسه بطريركًا على الكرسي المرقسي، فاجأ البابا تواضروس الثاني الجميع خلال عظته في قداس الاحتفال بكلمات مؤثرة حملت بين طياتها رسالة أب محب ومُتألم. إذ لم يكتف البابا بالحديث عن الإنجازات والخدمة، بل قرر أن يكشف أمام الشعب والكنيسة ما وصفه بأنه “أعمق مشكلة تواجهه في خدمته”، لتتحول المناسبة إلى لحظة صادقة من التأمل والمراجعة الروحية العميقة.
البابا تواضروس الثاني يكشف أكثر ما يؤلمه
قال البابا تواضروس الثاني في كلمته خلال قداس التجليس الثالث عشر: “أكثر مشكلة تواجهني، وها أنا أسجلها أمام التاريخ، هي قساوة قلب البعض”. وأكد أن هذه الحالة الروحية تُعد من أخطر ما يمكن أن يصيب الإنسان، خصوصًا إذا كان هذا الإنسان قد كرس نفسه للخدمة في الكنيسة، مشددًا على أن القساوة الداخلية تُعطل عمل الله وتُضعف رسالة الكنيسة في العالم.
وأضاف قداسته أن المشكلة ليست في الظروف الخارجية أو في التحديات التي تواجه الكنيسة من الخارج، بل في القلوب التي فقدت اللين والرحمة، معتبرًا أن القساوة تعكس غياب الحب الحقيقي الذي دعا إليه المسيح في كل وصاياه.
الخطر الروحي الذي يهدد الخدمة
تحدث البابا تواضروس الثاني بعمق عن خطورة أن يكون الخادم في الكنيسة ذا قلب قاسٍ، قائلًا: “كيف يمكن لإنسان كرس نفسه لله أن يعيش بقلب معاند أو قاسٍ؟ هذا أمر في غاية الخطورة”. وأوضح أن هذه القسوة تُفقد الخدمة معناها، لأن الخدمة الحقيقية لا تُقاس بالكلمات أو بالمظاهر، بل بالحب والتواضع والقدرة على الغفران.
وبيّن أن أخطر ما قد تواجهه الكنيسة هو أن يتحول التكريس إلى عادة أو شكل، بينما يفقد الجوهر الروحي الذي يقوم على المحبة.

رسالة البابا للمكرسين والخدام
وجّه البابا تواضروس الثاني نداءً مؤثرًا لكل المكرسين والخدام قائلاً إن القلب اللين هو سرّ النجاح في الحياة الروحية، وأن كل من يخدم في الكنيسة يجب أن يراجع نفسه باستمرار ليبقى قلبه نقيًا وممتلئًا بالحب.
وأضاف: “الله لا يطلب منا الكمال البشري، بل القلب الصادق، لأن القلب المتواضع يستطيع أن يغيّر العالم من حوله”.
وأشار إلى أن الخدمة ليست سلطة أو مكانة بل هي مسؤولية أمام الله والشعب، وأن القسوة تُفقد الإنسان رسالته وتُبعده عن روح الإنجيل.
معنى الاعتراف في وقت الاحتفال
كلمات البابا تواضروس الثاني حملت رسالة أب روحي يفتح قلبه أمام أبنائه، في لحظة صدق نادرة قلّما تتكرر. ففي وقت يحتفل فيه العالم القبطي بذكرى تجليسه على الكرسي البابوي، اختار أن يتحدث عن الضعف لا عن القوة، وعن الألم لا عن الفخر.
ويرى مراقبون أن هذا الاعتراف يُعبّر عن وعي روحي عميق، إذ يدرك البابا أن البناء الحقيقي للكنيسة يبدأ من الداخل، من تنقية القلوب وتجديد الإيمان.
ما وراء الخبر
تصريحات البابا تواضروس الثاني تفتح بابًا واسعًا للتأمل داخل الكنيسة القبطية حول أهمية العودة إلى الروح الأولى للخدمة. فالقساوة ليست مجرد صفة بشرية، بل حالة روحية تُضعف رسالة الكنيسة وتُشوّه صورة الإيمان.
ويرى رجال الدين أن كلمات البابا تُعد نداءً إصلاحيًا هادئًا يدعو إلى تجديد النفوس وإحياء المحبة بين أبناء الكنيسة، مؤكدين أن القيادة الروحية لا تُقاس بالسلطة، بل بقدرتها على التواضع ومواجهة الذات بشجاعة.
معلومات حول البابا تواضروس الثاني
- تولى البابا تواضروس الثاني كرسي البطريركية في نوفمبر 2012
- هو البابا رقم 118 في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
- عُرف بأسلوبه الهادئ والدبلوماسي في معالجة القضايا الكنسية
- قاد الكنيسة خلال سنوات شهدت تحديات كبيرة روحيًا ومجتمعيًا
- يُعرف بمواقفه الداعية للمحبة والتسامح بين الجميع
خلاصة القول
كلمات البابا تواضروس الثاني لم تكن مجرد عظة احتفالية بل دعوة صادقة لتطهير النفوس وتجديد المحبة داخل الكنيسة القبطية. ففي الوقت الذي يحتفل فيه بمرور 13 عامًا على خدمته، اختار البابا أن يذكّر الجميع بأن الخطر الحقيقي ليس في الخارج، بل في قساوة القلوب، وأن التغيير يبدأ من الداخل.
- البابا تواضروس الثاني
- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
- تجليس البابا
- الخدمة الكنسية
- قساوة القلوب
- بطريرك الإسكندرية
- العظة البابوية
- المحبة المسيحية
- الذكرى الثالثة عشرة
- الكنيسة المصرية









