بعيدًا عن المخابرات والحرس : عمرو موسي يكشف كيف تصرف الرئيس الراحل حسني مبارك أنه ليس رئيس دولة في شوارع واشنطن "واقعة لم تُروَ من قبل"

مبارك - عمرو موسي
مبارك - عمرو موسي

حسني مبارك .. عمرو موسي .. في حوار صحفي شيّق أجرته صحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة من لندن، كشف عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق وأحد أبرز الدبلوماسيين في تاريخ مصر الحديث، عن كواليس وواقعة طريفة جمعته بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك أثناء زيارتهما للولايات المتحدة الأمريكية. وقد ألقى موسى الضوء من خلال روايته على الجانب الإنساني في شخصية الرئيس الراحل، بعيدًا عن الرسميات التي غالبًا ما تطغى على حياة القادة.
 


الرؤساء أيضًا يشعرون بالوحدة: "وحيد في القمة"


افتتح عمرو موسى حديثه بالإشارة إلى الطبيعة المعقدة والدقيقة لحياة رؤساء الدول، حيث قال: "الرئيس أحيانًا يشعر بفراغ في لحظة ما، يُقال في الإنجليزية 'وحيد في القمة'". في هذه الجملة المختصرة، لخص موسى ما يعانيه الزعماء من ضغوط العزلة وقلة الممارسات اليومية البسيطة التي اعتاد عليها عامة الناس، إذ تصبح أبسط الأمور مثل الذهاب لتناول عشاء في مطعم أو التسوق تجربة معقدة تحيطها الحراسة المشددة والترتيبات الأمنية.
 


أمنيات بسيطة تعرقلها البروتوكولات


سرد وزير الخارجية الأسبق موقفًا تكرر أكثر من مرة خلال زياراتهم إلى عواصم العالم الكبرى مثل لندن وباريس، حيث كان الرئيس مبارك يسأله بفضول: "ماذا ستفعل اليوم؟" فيجيبه موسى بأنه سيذهب لتناول العشاء في مطعم مفضل، مشيرًا إلى أن التجربة بسيطة وممتعة. وعندما يعرض على مبارك مرافقته، يرد الأخير بحسرة قائلاً: "لو قررت أتعشى في الخارج، سيكون معي 50 شخصًا على الأقل: الحرس، السائقون، رجال المباحث والمخابرات.. لا لا، أنا لا أقدر.. تذكّرني عندما تكون هناك". بهذه الكلمات عبّر مبارك عن إحساسه بالإرهاق من القيود الأمنية التي تحرم الرؤساء من ممارسة حياتهم الطبيعية.
 


واقعة طريفة: مبارك يتسوق دون حراسة لصيقة


وفي واقعة نادرة وطريفة، كشف عمرو موسى عن لحظة خرج فيها مع الرئيس مبارك للتسوق دون اصطحاب الحراسة المعتادة. وأوضح أن ذلك كان في واشنطن خلال نهاية الأسبوع، حيث اعتاد الرئيس السفر يوم السبت للراحة يوم الأحد ثم مباشرة الاجتماعات يوم الاثنين. يقول موسى: "كنت أصل قبله بيوم أو اثنين لترتيب اللقاءات، وسألني ذات يوم عن خطتي، فأخبرته بأني سأذهب للتسوق، فقال لي: إلى أين ستذهب؟ فأخبرته أن المحلات هناك من أشيك المحلات في العالم، وكان هو يحب الشياكة جدًا".

ويتابع موسى ضاحكًا: "لم أكد أصل إلى الفندق حتى تلقيت اتصالاً من سكرتيره يخبرني بأن الرئيس سيخرج غدًا للتسوق معي". وهنا بدأت مغامرة غير معتادة، حيث خرج الرئيس مبارك دون حراسه المقربين، بل ظل الحرس في أماكن بعيدة لتأمين محيط المكان دون التدخل المباشر، ما منحه شعورًا بالحرية.
 

عمرو موسي


ساعة من السعادة.. الرئيس خلع سترته وتجول بحرية


يروي موسى تفاصيل تلك اللحظة الاستثنائية، قائلًا: "دخلنا محلًا وطلبت من البائع إغلاق الباب، فسألني البائع باستغراب: لماذا؟ فقلت له: هل تعرف من هذا؟ هذا رئيس دولة، والحرس في الخارج. نحتاج على الأقل نصف ساعة من الخصوصية". ويضيف أن مبارك استمتع بالتجربة بشكل كبير، وبدأ يتجول بحرية، خلع حذاءه وستره، وأخذ يتفقد القمصان وربطات العنق بنفسه. كان في منتهى السعادة، وكأنه نسي للحظات أنه رئيس دولة. حتى أنه سأل عمرو موسى بابتسامة: "ما رأيك بهذا القميص؟".
 


الحفيد.. مصدر الحنان في حياة الرئيس


وفي نهاية حديثه، سلط عمرو موسى الضوء على الجانب العاطفي في شخصية الرئيس الراحل، مؤكدًا أن الضغوط السياسية والمراسم الرسمية كانت تحرمه من كثير من المشاعر الإنسانية البسيطة. وقال: "الرؤساء يعانون من ملل، ليس مللًا من السلطة، بل من الحياة ذاتها"، مضيفًا أن أكبر مصدر للحنان والسعادة في حياة مبارك، رحمه الله، كان حفيده، الذي مثّل له متنفسًا عاطفيًا وسط زحام السلطة والقرارات.
 




 

          
تم نسخ الرابط